هل ترفع الأزمات الاقتصادية معدلات الجريمة؟
ثلاثة أحداث تستدعي هذا السؤال: الهجوم الجماعي الذي قام به عشرات المراهقين والشباب المصريين على الفتيات والنساء بمن فيهن المحجبات، وأدى أحياناً إلى تمزيق ثياب الضحية (راجع التقرير حول هذا الموضوع داخل العدد)، والمؤتمر الاستثنائي الذي شهدته العاصمة الأمريكية واشنطن الأسبوع الماضي حول الجريمة وعلاقتها بالاقتصاد، ثم الاستطلاع الذي قام به منتدى الشرطة للأبحاث في أمريكا عن أزمة الرهن العقاري وتأثيرها على معدلات الجريمة.
الحدث الأول مرعب في عنوانه وتفاصيله لأنه يمسّ ما يعتبره العربي قدس الأقداس وهو العرض المثقل عبر التاريخ برائحة الدم كي يسلم من الأذى، والمتهم في هذه الجريمة‘ وفق بعض الخبراء، هم شبان ومراهقون يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة أي أنهم من الفقراء، وهؤلاء الخبراء يكادون يلتقون مع عدد من المشاركين في مؤتمر واشنطن من قيادات أمنية وعلماء الاقتصاد وأساتذة علم الاجتماع الذين حذّروا من أن الأزمة الاقتصادية يمكن أن ينتج عنها هجرات واسعة تشمل أحياءً بكاملها مما يحوّلها إلى “أحياء أشباح” على طريقة المدن التي كانت تقام حول مناجم الذهب، فإذا استنفدت المناجم غادرها السكان لتتحول إلى مدن أشباح، وهو ما يستدعي سلسلة من الجرائم التقليدية، أبرزها اقتحام المنازل المهجورة، وتلك هي النتيجة نفسها تقريباً التي انتهى إليها منتدى الشرطة الأمريكي الذي يعقد سنوياً. فقد قام باستطلاع بعد تأميم شركتي القروض العقارية “فاني ماي” و”فريدي ماك”، شمل ما يزيد على ٢٠٠ مؤسسة أمنية، وكانت النتيجة أن ٤٦٪ من هذه المؤسسات أكدت أن اقفال المساكن بعد هجر سكانها لها ترك تأثيراً على النشاطات الأمنية في المناطق التي تأثرت بالانهيار الاقتصادي .
جريدة “هيرالد تريبيون انترناشيونال” نقلت في تقرير لها من نيويورك: أن الاقتصاد الأمريكي المريض يستدعي المخاوف من موجة جرائم. وقال التقرير: “إن الانهيار الكبير عام ١٩٧٨ أدى إلى تصاعد معدلات الجريمة بالسنوات اللاحقة، وقد بلغ ذروته في العام ١٩٨١ حيث ارتكب ما يزيد على ١٠٧ آلاف جريمة سرقة في نيويورك وحدها، أي بمعدل ٢٩٤ جريمة يومياً، بينما لم يزد عدد السرقات في العام الماضي على ٢١ ألف جريمة”.
ويقول البروفيسور المساعد بروس وينبرغ الذي درس معدلات الجرائم بين أعوام ١٩٧٩-١٩٩٧: إن هناك علاقة قوية بين انخفاض الأجور، ومعدلات البطالة المرتفعة للأفراد الأقل تعليماً وبين ارتفاع نسبة الجريمة”.
خبراء آخرون يؤكدون في تقرير الجريدة رأياً مناقضاً ويقولون: إن السرقة ترتفع حيث يتردد الناس بكثرة على آلات صرف النقود، وعلى المتاجر الكبيرة، ليصبحوا أهدافاً محتملة للصوص، وعند اشتداد الأزمة الاقتصادية فإن عدد هؤلاء سوف يكون أقل بالتأكيد، وبالتالي فإن عدد الجرائم سوف ينخفض”.
حسناً،بعضهم يعتقد إنّ ما يجب أن نخافه هو جرائم الفقراء.. بينما القطط السمان تلعق جراحها( ! )
هل يعني هذا أن أسلحة الحرب الباردة بين الرأسمالية والشيوعية مازالت صالحة للاستعمال؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق