افصلوا بين إيناس الدغيدي وزوجها. قدّموا شيخ الأزهر إلى المحاكمة لأنه لم ينفذ حتى الآن حكماً بجلد المخرجة المصرية ٨٠ جلدة في مكان عام..
ثم اسحبوا أبناءكم من المدارس الأجنبية، وخاصة الأمريكية، كما أن على حكوماتنا الرشيدة أن تمنع أبناء المسلمين من السفر إلى أمريكا حفاظاً على عاداتنا وتقاليدنا الأصلية.
ثم اسحبوا أبناءكم من المدارس الأجنبية، وخاصة الأمريكية، كما أن على حكوماتنا الرشيدة أن تمنع أبناء المسلمين من السفر إلى أمريكا حفاظاً على عاداتنا وتقاليدنا الأصلية.
هذا موجز للصحوة الإعلامية التي شهدها عالمنا العربي خلال الأيام القليلة الماضية، ومع أن تفاصيلها باتت معروفة، إلاّ أن وضعها في سياق الأحداث الجارية يكشف مجدداً أن جبال تورا بورا لا تقع في مكان محدد، ويمكن أن تنتقل إلى أية عاصمة عربية لتقذف بأحمال تكفي لدفن بذور التنوير تحت أنقاضها.
إيناس الدغيدي مخرجة مصرية أشهر أعمالها “مذكرات مراهقة”، وقد صدر قبل سنوات وأصدر الجمهور حكمه عليه، فتدفق بعشرات الألوف أمام شبابيك التذاكر. أما آخر الجرائم التي ارتكبتها المخرجة واستدعت هجوم المحامي نبيه الوحش عليها؛ فهو أنها أطلقت رأياً يقول إن تشريع البغاء سوف يحدّ منه، أولاً لأن صاحبة أقدم مهنة في التاريخ سوف تحتاج إلى ترخيص رسمي، ربما يمنعها حياؤها من محاولة الحصول عليه، وثانياً فإن هذا الترخيص سوف يمنع انتشار الأمراض، وفي طليعتها الإيدز. ولابد من الإشارة هنا إلى أن هذه التجربة حققت نتائج ممتازة في مكافحة الإيدز في كل من تايلاند، وجنوب إفريقيا ومدينة هامبورغ في ألمانيا.
وهنا قامت قيامة المحامي الوحش ولم تقعد، فزعم أن هناك حكماً كان قد صدر سابقاً يقضي بجلدها، ولابد من أن يقوم الأزهر بتنفيذه، ويضاف إليه بلاغ تقدم فيه المحامي إلى النائب العام يطلب تطليق إيناس من زوجها..
وليس مهماً أن ينتصر الوحش أو يخسر، فالإرهاب لا يفقد مفعوله بمرور الأيام.
أما الملحمة الثانية في مسيرة الصحوة، فقد كتبها شيوخ عدن، ومع أنهم يقيمون في اليمن السعيد، إلاّ أنهم على ما يبدو يفتقدون حسّ الفكاهة، فهم أصدروا قبل يومين، فتوى تمنع الطلاب والطالبات من الدراسة في معهد لتعليم اللغة الإنجليزية في عدن، وجاء في فتواهم: “إن المعهد يقوم باستقطاب الأذكياء من طالبات وطلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية ويمنحهم مقاعد دراسية فيه لمدة عام، ثم يقوم المعهد بإرسال الطلاب والطالبات الذين تم اختيارهم إلى أمريكا، حيث يسكن كل طالب وطالبة في أحضان أسرة أمريكية مدة عام كامل، يتربون فيه تربية فاسدة تبعدهم عن الشريعة الاسلامية”.
وبالطبع، لا فائدة من الإشارة إلى أن هذه الفتوى تتطابق مع “فتوى” إسرائيلية، وثانية أمريكية بمنع طلاب غزة من الذين حصلوا على بعثة فولبرايت من الخروج من غزة ومن دخول أمريكا، إلاّ أنه لابد لهؤلاء الأجلاّء أن يستمعوا إلى حكاية صديقي أسعد، وهو من جنوب لبنان، وخدم في الجيش الفرنسي، فقد قرر أن يرسل ولده حمد إلى فرنسا كي يتعلم الفرنسية بلكنة أهلها. وسافر الولد على أن يكلم والده على الهاتف بالفرنسية كل أسبوع، كي يعرف أسعد مدى تقدمه، ولكن الولد، وعلى مدى أسابيع لم يكن يتكلم مع والده إلاّ بالعربية، ومع فرنسية مكسّرة، إلى أن قرر الوالد أخيراً زيارة ولده في مكان إقامته، مع إحدى العائلات الفرنسية، قرع الباب، ففتحت ربة البيت، وقالت ضاحكة: أهلاً وسهلاً بالعربية، ثم تلتها ثلاث فتيات كل منهن ترحب بطريقتها: أهلاً عمي، شرّفت البيت، كيف كانت رحلتك و.. الحمدلله على السلامة.. وكلها بالعربية، ثم وصل أخيراً إلى رب البيت الفرنسي، فقال أسعد بالعربية: يومك سعيد، ورد الفرنسي ضاحكاً: أخشى أنني الوحيد في هذا البيت الذي مازال يحكي.. بالفرنسي.
.. وربما على علماء اليمن ألاّ يستخفوا بمواهب شبابنا وشاباتنا، وأتمنى لو أنهم يشاركون في بعثة إلى مدينة ديترويت أو ولاية كاليفورنيا في زمان قطاف العنب، وعندئذ ربما سوف يحتاجون إلى “فتوى” لإقناعهم بالعودة إلى بلدهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق