السفير/Jan 25, 1996
في زمن مضى، كان »الثوريون« يحددون أهدافهم: المخافر، الثكنات و... الجنرالات. كانت هذه رموز السلطة، وكانوا يريدون تقويضها... نسفا واغتيالاً.
"الثوريون" اليوم ما زالوا يحددون أهدافهم: الفنادق، البارات و... الراقصات. هذه باتت عندهم رموز السلطة، وهم يريدون تقويضها... أيضا نسفا واغتيالا.صحيح ان الرقص، في العالم الثالث، سمة مشتركة بين الجنرال والراقصة، وإن اختلفت البدلة، ولكن كيف استطاع الجنرال إقناع المعارضة بأن الأولوية هي للراقصة باعتبارها الأكثر خطرا؟
قضية الدكتور نصر أبو زيد في مصر تحوي بعض الإجابة. المحكمة قضت بطلاقه من زوجته الدكتورة ابتهال يونس. أبو زيد ترك مصر ولكنه لم يترك زوجته، ولعله ينام معها... بالحرام (!) هل هذا ما تريده المحكمة؟
السلطة العاقلة تفرز معارضة عاقلة، والعكس صحيح.
أن يسقط، ما بين القصرين، ضحايا أبرياء "فا" يعرف جماعته"، وصاحب هذه العبارة هو كاردينال فرنسي كان يقود حملة صليبية، وصلت قواته مدينة فرنسية "مونبيلييه؟"، فطلب تسليمه جماعة "الكاثار" وهم فرقة منشقة عن الكنيسة الكاثوليكية، أهل المدينة رفضوا، فاجتاح الجيش المدينة وقتل منها، وفق الرواية المسيحية 100 ألف شخص. وفي سياق القتل، سأل أحدهم الكاردينال: ولكن كيف نميز بين »الكاثار« وبين الكاثوليك؟ فأجاب الكاردينال: اقتلوهم جميعù... فا" يعرف جماعته«. وبعد 9 قرون... ظهرت الترجمة »الاسلامية« للعبارة... منقحة ومزيدة."الثوريون" اليوم ما زالوا يحددون أهدافهم: الفنادق، البارات و... الراقصات. هذه باتت عندهم رموز السلطة، وهم يريدون تقويضها... أيضا نسفا واغتيالا.صحيح ان الرقص، في العالم الثالث، سمة مشتركة بين الجنرال والراقصة، وإن اختلفت البدلة، ولكن كيف استطاع الجنرال إقناع المعارضة بأن الأولوية هي للراقصة باعتبارها الأكثر خطرا؟
قضية الدكتور نصر أبو زيد في مصر تحوي بعض الإجابة. المحكمة قضت بطلاقه من زوجته الدكتورة ابتهال يونس. أبو زيد ترك مصر ولكنه لم يترك زوجته، ولعله ينام معها... بالحرام (!) هل هذا ما تريده المحكمة؟
السلطة العاقلة تفرز معارضة عاقلة، والعكس صحيح.
* * *التطرف الروحي هو إدمان، سواء جاء عبر »فتوى« أو عبر زجاجة، وكلاهما يحتاج الى »مصحات علاج«. العلاج يقوم على الاقناع وليس على القمع ولا على المنع، وعندما هدد الرئيس الأميركي فورد زوجته بأنه سوف يطلقها إذا لم تقلع عن إدمانها، قالت: تطلقني فتخسر الرئاسة وزوجتك معا«... وبعد فترة اقتنعت السيدة الأولى انها من أجل أن تبقى أولى فلا بد لها أن تقلع عن إدمانها.
* * *أما جوزيف ستالين فكان حالة خاصة، يقول الثائر اليوغوسلافي »ميلوفان دجيلاس« ان ستالين خلال الحرب العالمية الثانية كان يشرب »الحقَّ« الأول من الفودكا وهو يخوض في مواضيع عامة مع أعضاء اللجنة المركزية... ومع نهاية »الحق« الثاني كان ستالين يتخذ قراراته العسكرية. ويعتقد الروس ان انتصارهم على النازية كان انتصار »شعب الفودكا« على »شعب الجعة«، ومن هنا فإن كثيرين منهم يرون ان المسمار الأول في نعش الأمبراطورية السوفياتية ضربه غورباتشوف ليس عندما أطلق نظرية البريسترويكا ولكن عندما أمر بتقنين الفودكا (!).
... ولعل الرئيس يلتسين يحاول التعويض.الرأسمالية سبقت الروس الى استيعاب الدرس، فهي عندما منعت الخمر في أميركا أنجبت أعظم زعيم للجريمة المنظمة: آل كابوني، وكان هذا الزعيم يحكم نصف أميركا بعد أن اختار هذا النصف أن »ينزل تحت الأرض و... يشرب«.
* * *في المملكة العربية السعودية، يصل ثمن زجاجة الويسكي في السوق السوداء الى 500 ريال، أي ثمن 10 براميل من النفط الخام، وفي الكويت الى 30 دينارا، حوالى 100 دولار، وفي السوق السوداء أيضا.وهذه السوق ليست سوداء تماما، بل تكاد تكون بيضاء، لأن من يعجز عن شراء الخمر يلجأ، كما كان يفعل الأجداد، الى شراء »أبو قرون« وهو زجاجة عطر صنع مصر، اليوم يشترونها صنع فرنسا، ومع اختراق الحاجز التكنولوجي، فقد بات المدمنون يشقون رأس البطيخ، ويحشونه بكريم »نيفيا« ويعرضونه للشمس ساعات ثم يأكلونه هنيئا مريئا... فيسكروا ويتسمموا (!)وقد اعترفت حكومات في الخليج بهذا الواقع فأنشأت عشرات المصحات لمعالجة الإدمان.
* * *عندنا؟ حمى ا" جمهورية الطرب وحفظ روحها من شر المدمنين
فتاوى إهدار الدم في العالم العربي تصدر بالجملة، وهي تساوي بين الجنرالات والراقصات. في مصر كما في الجزائر كما في حواضر أخرى "المتطرفون" يستهدفون قصور الرئاسة كما قصور المتعة، وليس مهم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق