الملف السياسي ـ حكايات سياسية ـ التاريخ: 06 يوليو 2001
«ان الرئيس ياسر عرفات يظهر في الصورة ايضاً. ولا احد يحتج، مع
ان دولتنا تاريخياً هي اكثر قدماً» هذا التعليق اطلقه ممثل «فرسان مالطا»،
عندما احتجت مديرة البروتوكول في الجمعية العامة للأمم المتحدة العام
الماضي على ظهور صورة الكونت كارلو كوندوجاني رئيس دولة فرسان مالطا الى
جانب رؤساء الدول خلال قمة القرن في الامم المتحدة.. فهل هي عودة الى ملوك
الطوائف و.. دولها؟ في العام 1981 وفي ذروة تألق وزير الخارجية الامريكي في
تلك الفترة الكساندر هيج، الجنرال القادم من الحلف الاطلسي، نشرت الصحف
الامريكية خبراً صغيراً عن مغادرة وزير الخارجية الامريكية هيج الى مالطا،
لمدة يومين، للمشاركة في مؤتمر مغلق يعقده «فرسان مالطا» في تلك الجزيرة.
كان هيج كاثوليكيا، بينما غالبية الشعب من البروتستانت وطوائف مسيحية اخرى، ولكن الاقلية، الكاثوليكية كانت، ومازالت، تتمتع بنفوذ كبير في المجتمع الامريكي وقد بلغ ذروته مع انتخاب جون كيندي الكاثوليكي رئيساً للولايات المتحدة، قبل ان تطاله واسرته حملة الاغتيالات، وكان اصحاب نظرية المؤامرة لا يغفلون هذا البعد الطائفي والديني في عملية الاغتيالات. وما ظهر في الصحف الامريكية يومئذ عن فرسان مالطا هو انها منظمة دينية عالمية تقيم سلسلة من المستشفيات في عشرات الدول وتنشط في مجال الاعمال الخيرية والانسانية في جنوب لبنان. وتكرر ظهور اسم فرسان مالطا في سياق تحقيق كان يقوم به كاتب هذه السطور حول «جمهورية سعد حداد» في جنوب لبنان حيث اكد لي القس جورج اوتيس رئيس كنيسة «المغامرة العليا» ان منظمات خيرية دولية تشارك كنيسته في نشاطاتها في جنوب لبنان، ومن بينها اقامة محطة للاذاعة والتلفزيون لسعد حداد وجماعته، واحدى هذه المنظمات الخيرية فرسان مالطا. وتكاملت نظرية المؤامرة عندما قرأت في احدى الموسوعات ان فرسان مالطا هم جماعة دينية نشأت اثناء الحروب الصليبية في فلسطين، وبعد خروج الصليبيين تابعت نشاطاتها في اسبانيا وانتشرت في اوروبا وتعاونت مع البابا في روما وبلغت ذروة مجدها في القرن السادس عشر عندما امتد نفوذها الى امريكا اللاتينية قبل ان يقضي عليها نابليون بونابرت ويشرد زعماءها في انحاء المعمورة، حيث لجأ معظمهم الى اسبانيا وايطاليا. ولم يكن غريباً اذن عداء الكاسندر هيج للعرب والمسلمين طالما انه احد فرسان تلك المنظمة التي تدعم المتعاونين مع العدو في جنوب لبنان. او هكذا خيل اليّ في تلك الفترة، الى ان التقيت بعد سنوات بفارس لبناني من هذه المنظمة في بيروت وشرح لي بالتفصيل الاعمال الخيرية التي تقوم بها المنظمة، او التي ستقوم بها، وهي لا تقتصر على المسيحيين فقط بل تشمل مناطق المسلمين ايضاً، وهي توفر للمحتاجين ليس الاطباء فقط بل الدواء ايضاً و.. ومجاناً، وهي تعمل بصورة علنية وتكشف عن انجازاتها. افغانستان اعترفت بها وفي الاسبوع الماضي ظهر اسم المنظمة مجدداً في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الامريكية على صفتحها الاولى من روما، وكشفت فيه ان المنظمة تطمح ان تتحول، وخلال عامين، الى دولة، بعد ان اعترفت بها (85) دولة، وكان اخرها حكومة افغانستان السابقة وجمهورية مولدوفيا، ويقول رئيسها الكونت كارلو ماريللو دي كوندو جاني، وهو يحمل صفة المستشار الاعظم: اننا نأمل ان يصل الاعتراف بنا الى مئة دولة مع نهاية العام المقبل، وعندئذ فإن الجمعية العامة للامم المتحدة وهي تضم 189 عضواً سوف تعترف بنا كدولة كاملة العضوية.. وبالطبع فإن الدولة الموعودة لا تقوم فوق ارض محددة ذات سيادة، اما رعاياها فلا يزيد عددهم على (12) الف فارس يتوزعون في انحاء العالم، بينهم (2300) فارس في الولايات المتحدة، ووفقاً لممثل هذه الدولة في نيويورك فإن شروط الالتحاق فيها هي ان يقوم ثلاثة من الاعضاء القدامى بتزكية العضو الجديد، وان يدفع كل عضو مبلغ 2000 دولار عند قبوله مواطناً ومبلغ 1250 دولاراً رسماً سنوياً، اما ثمن جواز السفر لدولة الفرسان فيصل الى مبلغ50 الف دولار، والامريكيون يشترونه للحصول على لقب وللمباهاة. ملوك ورؤساء يقول الكونت الرئيس: انت تعلم اننا شيء نادر في تاريخ العالم وفي العمل الدبلوماسي، وهو امر صحيح اذ نجحت المنظمة في اجتذاب قيادات سياسية بارزة الى عضويتها، من بينهم رئيسا وزراء ايطاليا السابقين فرانسيسكو كوسيجا وجوليو اندريوتي بالاضافة الى ملك اسبانيا خوان كارلوس. كما صكت عملتها تحت اسم سكودي وهو يعادل 25 سنتاً اوروبيا كما اصدرت طوابعها، وهذه الاخيرة لا تقبل بها سوى دولتي بوركينا فاسو وموريتانيا، كما اقامت علاقات دبلوماسية صميمة مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، حيث قامت مؤخراً، وبناء على طلب من جمهورية تشيكيا، بالوساطة مع كاسترو لاطلاق معتقلين من تشيكيا قاما بنشاطات معادية للشيوعية في كوبا، وقد تم بالفعل الافراج عنهما. وتتمتع دولة فرسان مالطا اليوم بصفة عضو مراقب في الامم المتحدة، مثل فلسطين، وعندما حشر الكونت الرئيس نفسه بين رؤساء الدول في القمة الالفية للأمم المتحدة العام الماضي، احتجت مديرة البروتوكول في الامم المتحدة وقالت: لم يكن من حقه ان يظهر في الصورة. لأننا عندما منحناه صفة العضو المراقب في الامم المتحدة عام 1993 ابلغناه بوضوح ان هذه العضوية تمنح فرسان مالطا صفة الكيان وليس الدولة». ومع ذلك فإن الفرسان يطمحون لقيام الدولة على غرار الفاتيكان ومركزهم في روما جاهز وكذلك العالم. بقلم: شوقي رافع
كان هيج كاثوليكيا، بينما غالبية الشعب من البروتستانت وطوائف مسيحية اخرى، ولكن الاقلية، الكاثوليكية كانت، ومازالت، تتمتع بنفوذ كبير في المجتمع الامريكي وقد بلغ ذروته مع انتخاب جون كيندي الكاثوليكي رئيساً للولايات المتحدة، قبل ان تطاله واسرته حملة الاغتيالات، وكان اصحاب نظرية المؤامرة لا يغفلون هذا البعد الطائفي والديني في عملية الاغتيالات. وما ظهر في الصحف الامريكية يومئذ عن فرسان مالطا هو انها منظمة دينية عالمية تقيم سلسلة من المستشفيات في عشرات الدول وتنشط في مجال الاعمال الخيرية والانسانية في جنوب لبنان. وتكرر ظهور اسم فرسان مالطا في سياق تحقيق كان يقوم به كاتب هذه السطور حول «جمهورية سعد حداد» في جنوب لبنان حيث اكد لي القس جورج اوتيس رئيس كنيسة «المغامرة العليا» ان منظمات خيرية دولية تشارك كنيسته في نشاطاتها في جنوب لبنان، ومن بينها اقامة محطة للاذاعة والتلفزيون لسعد حداد وجماعته، واحدى هذه المنظمات الخيرية فرسان مالطا. وتكاملت نظرية المؤامرة عندما قرأت في احدى الموسوعات ان فرسان مالطا هم جماعة دينية نشأت اثناء الحروب الصليبية في فلسطين، وبعد خروج الصليبيين تابعت نشاطاتها في اسبانيا وانتشرت في اوروبا وتعاونت مع البابا في روما وبلغت ذروة مجدها في القرن السادس عشر عندما امتد نفوذها الى امريكا اللاتينية قبل ان يقضي عليها نابليون بونابرت ويشرد زعماءها في انحاء المعمورة، حيث لجأ معظمهم الى اسبانيا وايطاليا. ولم يكن غريباً اذن عداء الكاسندر هيج للعرب والمسلمين طالما انه احد فرسان تلك المنظمة التي تدعم المتعاونين مع العدو في جنوب لبنان. او هكذا خيل اليّ في تلك الفترة، الى ان التقيت بعد سنوات بفارس لبناني من هذه المنظمة في بيروت وشرح لي بالتفصيل الاعمال الخيرية التي تقوم بها المنظمة، او التي ستقوم بها، وهي لا تقتصر على المسيحيين فقط بل تشمل مناطق المسلمين ايضاً، وهي توفر للمحتاجين ليس الاطباء فقط بل الدواء ايضاً و.. ومجاناً، وهي تعمل بصورة علنية وتكشف عن انجازاتها. افغانستان اعترفت بها وفي الاسبوع الماضي ظهر اسم المنظمة مجدداً في تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الامريكية على صفتحها الاولى من روما، وكشفت فيه ان المنظمة تطمح ان تتحول، وخلال عامين، الى دولة، بعد ان اعترفت بها (85) دولة، وكان اخرها حكومة افغانستان السابقة وجمهورية مولدوفيا، ويقول رئيسها الكونت كارلو ماريللو دي كوندو جاني، وهو يحمل صفة المستشار الاعظم: اننا نأمل ان يصل الاعتراف بنا الى مئة دولة مع نهاية العام المقبل، وعندئذ فإن الجمعية العامة للامم المتحدة وهي تضم 189 عضواً سوف تعترف بنا كدولة كاملة العضوية.. وبالطبع فإن الدولة الموعودة لا تقوم فوق ارض محددة ذات سيادة، اما رعاياها فلا يزيد عددهم على (12) الف فارس يتوزعون في انحاء العالم، بينهم (2300) فارس في الولايات المتحدة، ووفقاً لممثل هذه الدولة في نيويورك فإن شروط الالتحاق فيها هي ان يقوم ثلاثة من الاعضاء القدامى بتزكية العضو الجديد، وان يدفع كل عضو مبلغ 2000 دولار عند قبوله مواطناً ومبلغ 1250 دولاراً رسماً سنوياً، اما ثمن جواز السفر لدولة الفرسان فيصل الى مبلغ50 الف دولار، والامريكيون يشترونه للحصول على لقب وللمباهاة. ملوك ورؤساء يقول الكونت الرئيس: انت تعلم اننا شيء نادر في تاريخ العالم وفي العمل الدبلوماسي، وهو امر صحيح اذ نجحت المنظمة في اجتذاب قيادات سياسية بارزة الى عضويتها، من بينهم رئيسا وزراء ايطاليا السابقين فرانسيسكو كوسيجا وجوليو اندريوتي بالاضافة الى ملك اسبانيا خوان كارلوس. كما صكت عملتها تحت اسم سكودي وهو يعادل 25 سنتاً اوروبيا كما اصدرت طوابعها، وهذه الاخيرة لا تقبل بها سوى دولتي بوركينا فاسو وموريتانيا، كما اقامت علاقات دبلوماسية صميمة مع الزعيم الكوبي فيدل كاسترو، حيث قامت مؤخراً، وبناء على طلب من جمهورية تشيكيا، بالوساطة مع كاسترو لاطلاق معتقلين من تشيكيا قاما بنشاطات معادية للشيوعية في كوبا، وقد تم بالفعل الافراج عنهما. وتتمتع دولة فرسان مالطا اليوم بصفة عضو مراقب في الامم المتحدة، مثل فلسطين، وعندما حشر الكونت الرئيس نفسه بين رؤساء الدول في القمة الالفية للأمم المتحدة العام الماضي، احتجت مديرة البروتوكول في الامم المتحدة وقالت: لم يكن من حقه ان يظهر في الصورة. لأننا عندما منحناه صفة العضو المراقب في الامم المتحدة عام 1993 ابلغناه بوضوح ان هذه العضوية تمنح فرسان مالطا صفة الكيان وليس الدولة». ومع ذلك فإن الفرسان يطمحون لقيام الدولة على غرار الفاتيكان ومركزهم في روما جاهز وكذلك العالم. بقلم: شوقي رافع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق