وطن يبني ويقاوم ويحاور
نافذة: وطن يبني ويقاوم ويحاور
لبنان كان دائما ارض المعادلات الصعبة, ولكن ربما لم يحدث في وطن من قبل ان
جمع بين اعادة الاعمار وحرب التحرير... وخيار الزواج المدني . اعادة اعمار
ما دمرته الحرب على مدى ما يزيد على15 عاما, رغم صعوبتها لاتبدو مستحيلة,
هناك دول سبقت: اليابان, بريطانيا والمانيا بعد الحرب العالمية الثانية,
ولكن اعادة الاعمار بينما الاجتياح الجوي الاسرائيلي للجنوب يقتلع دفعة
واحدة ما يزيد عن 400 الف مواطن من اراضيهم ومنازلهم ويقذفهم باتجاه
العاصمة وسواها بحثا عن الامن...
ومن دون ان تتوقف ورشة الاعمار فالمعادلة
تبدو صعبة, ومثلها ان تغير الطائرات الاسرائيلية على منطقة الناعمة, وهي لا
تبعد اكثر من 15 كيلوا مترا عن العاصمة... من دون ان يتوقف عمل الجرافات
لا في مطار بيروت الذي يسمع صوت الطائرات المغيرة ولا في الوسط التجاري
الذي تصله اصوات الانفجارات مع كل قنبلة وصاروخ. حرب التحرير ايضا ليست
اختراعا لبنانيا, الجزائر سبقت اليها, دفعت مليون شهيد لطرد (الاقدام
السود) لجنرالات فرنسا. وفرنسا كانت ومازالت قوة عظمى, ولكن حرب التحرير
التي تخوضها المقاومة اللبنانية ضد اسرائيل ليست عادية ولا تقليدية, انها
شيء مختلف, اربع حروب خاضها العرب ضد اسرائىل بداية من عام 48 مرورا بحرب
56 و67 ووصولا الى حرب اكتوبر 73. وفي كل هذه الحروب كانت اسرائيل تحصد
الانتصارات, وفي المرة الوحيدة التي خسرت فيها الحرب عسكريا... عام 73 عادت
وربحتها سياسيا. لأول مرة في تاريخها تعلن المؤسسة العسكرية في اسرائيل
يأسها من ان تكسب الحرب ضد المقاومة اللبنانية, ويطالب اكثر من 1500 ضابط
متقاعد بالانسحاب من لبنان, ويدعم هؤلاء رأي عام شعبي تمثله حركة الامهات
الاربع ورأي عام سياسي من بين اطرافه زعيم حزب العمل السابق شيمون بيريز,
بطل عملية عناقيد الغضب اياه. هذا بعد مرور نصف قرن على قيام اسرائيل, لم
يحصل الا في لبنان. ووصولا الى الزواج المدني الاختياري... كان يمكن لهذا
المشروع ان يكون عاديا لو طرح في مجتمع مدني لا يملك من سلاح سوى (دبلة
الخطوبة) اما في لبنان فالسلاح مازال (زينة الرجال) في المنزل على الاقل,
ان لم يكن في الشارع. ومع ذلك فان المشروع تم طرحه (ليدك سور الطائفية في
النفوس والنصوص) كما يقول السيد الرئيس الياس الهراوي. الحكومة اللبنانية
ــ بالمناسبة ــ اتخذت قرارا بالغاء الالقاب للرؤساء. والرئيس على حق في ان
يطرح ما يراه مناسبا لاصلاح حال البلاد والعباد, ومن حق الآخرين معارضته,
تلك هي اصول اللعبة الديمقراطية, وباستثناء بعض التهويل, وهو من بقايا
الحرب الاهلية, فان الحوار الذي اثاره طرح المشروع هو في حد ذاته دليل
عافية. ... واهلا ايها السيد الرئيس تحمل الامل في وطن يبني ويقاوم ويحاور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق