المرأة والديمقراطية في الهند توأمان لا ينفصلان, ومن هنا فلا
خوف على الديمقراطية في الهند لأن (أخت الرجال) تحميها, وهنا حكاية عن مدى
فعالية هذه الحماية . يوم 11 ديسمبر الماضي كان البرلمان الهندي يعقد احدى
جلساته الماراثونية, وبعد مضي أربع ساعات من النقاش كان التعب قد أخذ بعض
الأعضاء, ولم تكن (الآنسة) ماماتا بانرجي من بينهم, فقد بقيت متحفزة مثل
لبوة, وكانت تملك كل الحق في ذلك, فقد كان المجلس يناقش تعديلاً جديداً
للدستور يقضي بتخصيص ثلث مقاعد مجلس النواب القومي للنساء, وكذلك ثلث
المقاعد في المجالس المحلية, ولم تكن تلك المرة الأولى التي يناقش فيها
البرلمان هذا التعديل, والآنسة ماماتا زعيمة الحزب الصغير الذي تقوم قاعدته
في غرب البنجاب, مازالت تذكر انه قبل حوالي ستة أشهر كان التعديل نفسه قد
طرح على البرلمان, وجرت مناقشات حامية حوله, ومع أن المعارضين وصفوا
التعديل بأنه نوع من (النازية النسائية) التي تسعى لتكريس الجنس الأنثوي,
إلا أن التعديل كاد يمر, فالآنسة ماماتا قامت بجهد كبير, وعلى مدى أشهر,
وعقدت صفقات ودخلت في مساومات مع جميع الأحزاب لتمرير التعديل..
ولكن فجأة وقع ماليس في الحسبان إذ ان أحد معارضي التعديل من النواب, وقبل طرح التعديل على التصويت بدقائق انطلق كالسهم باتجاه منصة الرئيس, وانتزع التعديل المقترح من أمام الرئيس, وبدأ يمزقه إرباً.. إرباً, وبالطبع لم يكن هناك في تلك اللحظة من يتذكر المهاتما غاندي ودعوته الى (اللاعنف) , إذ انقض النواب جميعا, موالين ومعارضين, على بعضهم بعضاً, وأبلت النساء في تلك الموقعة, وبينهم الآنسة ماماتا أحسن البلاء, ولكن المعارضة نجحت في تعطيل الجلسة, واستغرقت إعادة جمع نص التعديل الممزق ستة أشهر, قبل أن يعود المجلس لمناقشته مرة ثانية. انقضت وأمسكت به ومن هنا, وبرغم مرور أربع ساعات على بداية الجلسة, فإن التعب لم ينل من الآنسة ماماتا, وبقيت متحفزة مثل لبوة.. ولم يخب ظنها, إذ ان زميلها المعارض كان يقف على بعد ثلاثة مقاعد منها, كانت أوداجه محتقنة وهو يصرخ محتجاً على التعديل, ثم بدأ يتحرك, كما توقعت الآنسة ماماتا باتجاه المنصة, ولكن هيهات أن يصل اليها, فقد انقضت الآنسة ماماتا على زميلها النائب, وأمسكت به من ياقته, ولم تفلت قبضتها عن تلك الياقة إلا بعد أن سحبته الى خارج القاعة. وزعم النائب فيما بعد أنه كان في طريقه الى الحمام (!) ولكن هذا العذر لا ينطلي على الآنسة ماماتا فهي تعرف بالفطرة, كما بالتجربة, أسلوب الرجال في تخريب ليس الحياة البرلمانية وحدها بل الحياة الزوجية أيضاً, عندما يلجأون الى العنف.. وقد سبقته هذه المرة. ... والقبائل أيضا وحماية الديمقراطية في الهند لا تقتصر على المرأة وحدها, وان كانت رأس الحربة في معاركها كما اثبتت السيدة سونيا غاندي, ومن قبلها غاندي (الكبيرة) , ففي الهند, دون سواها من بلدان العالم, هناك (كوتا) يفرضها القانون للطبقات والشرائح الهامشية في المجتمع التي لا تملك من المال ومن النفوذ ما يمكنها من ترشيح نفسها ومنافسة مهراجات المال والسياسة, ففي المجالس البلدية والقروية المنتخبة يتم حفظ عدد من المقاعد للنساء فقط, وفي المجلس النيابي فإن خمس عدد المقاعد محجوز لممثلي القبائل والنساء والجهات النائية, وهي أكثر الفئات الاجتماعية فقراً. أي ان أكبر ديمقراطية في العالم, حيث يزيد عدد سكانها عن 980 مليون نسمة, تجنبت الفخ الذي تسقط فيه بعض الديمقراطيات الغربية, وخاصة الأمريكية, فتتحول الى ديمقراطية نخبة, لايدخل البرلمان فيها إلا من يستطيع أن ينفق على حملته الانتخابية مبالغ قد تصل الى 25 مليون دولار, كما في ولاية كاليفورنيا الأمريكية, وحاولت قدر الامكان زيادة عدد المستفيدين من الديمقراطية وبالتالي زيادة عدد المدافعين عنها. ... ومع ذلك فإن الديمقراطية في الهند تعاني من أزمة, وهي أن الفقراء الذي لا يملكون يتم التعامل معهم وكأنهم لا يوجدون, ولأن الهند هي البلد الوحيد في العالم الذي يولد فيه الانسان في الأنبوب (من أنابيب البلدية), ويتزوج في الأنبوب ويموت في الأنبوب, فإن الديمقراطية تبقى مهددة, فالديمقراطية التي لا تطعم خبزاً تتحول الى مثل اله ذلك الأعرابي الذي كان يصنعه من التمر, فإذا جاع.. أكله(!).
ولكن فجأة وقع ماليس في الحسبان إذ ان أحد معارضي التعديل من النواب, وقبل طرح التعديل على التصويت بدقائق انطلق كالسهم باتجاه منصة الرئيس, وانتزع التعديل المقترح من أمام الرئيس, وبدأ يمزقه إرباً.. إرباً, وبالطبع لم يكن هناك في تلك اللحظة من يتذكر المهاتما غاندي ودعوته الى (اللاعنف) , إذ انقض النواب جميعا, موالين ومعارضين, على بعضهم بعضاً, وأبلت النساء في تلك الموقعة, وبينهم الآنسة ماماتا أحسن البلاء, ولكن المعارضة نجحت في تعطيل الجلسة, واستغرقت إعادة جمع نص التعديل الممزق ستة أشهر, قبل أن يعود المجلس لمناقشته مرة ثانية. انقضت وأمسكت به ومن هنا, وبرغم مرور أربع ساعات على بداية الجلسة, فإن التعب لم ينل من الآنسة ماماتا, وبقيت متحفزة مثل لبوة.. ولم يخب ظنها, إذ ان زميلها المعارض كان يقف على بعد ثلاثة مقاعد منها, كانت أوداجه محتقنة وهو يصرخ محتجاً على التعديل, ثم بدأ يتحرك, كما توقعت الآنسة ماماتا باتجاه المنصة, ولكن هيهات أن يصل اليها, فقد انقضت الآنسة ماماتا على زميلها النائب, وأمسكت به من ياقته, ولم تفلت قبضتها عن تلك الياقة إلا بعد أن سحبته الى خارج القاعة. وزعم النائب فيما بعد أنه كان في طريقه الى الحمام (!) ولكن هذا العذر لا ينطلي على الآنسة ماماتا فهي تعرف بالفطرة, كما بالتجربة, أسلوب الرجال في تخريب ليس الحياة البرلمانية وحدها بل الحياة الزوجية أيضاً, عندما يلجأون الى العنف.. وقد سبقته هذه المرة. ... والقبائل أيضا وحماية الديمقراطية في الهند لا تقتصر على المرأة وحدها, وان كانت رأس الحربة في معاركها كما اثبتت السيدة سونيا غاندي, ومن قبلها غاندي (الكبيرة) , ففي الهند, دون سواها من بلدان العالم, هناك (كوتا) يفرضها القانون للطبقات والشرائح الهامشية في المجتمع التي لا تملك من المال ومن النفوذ ما يمكنها من ترشيح نفسها ومنافسة مهراجات المال والسياسة, ففي المجالس البلدية والقروية المنتخبة يتم حفظ عدد من المقاعد للنساء فقط, وفي المجلس النيابي فإن خمس عدد المقاعد محجوز لممثلي القبائل والنساء والجهات النائية, وهي أكثر الفئات الاجتماعية فقراً. أي ان أكبر ديمقراطية في العالم, حيث يزيد عدد سكانها عن 980 مليون نسمة, تجنبت الفخ الذي تسقط فيه بعض الديمقراطيات الغربية, وخاصة الأمريكية, فتتحول الى ديمقراطية نخبة, لايدخل البرلمان فيها إلا من يستطيع أن ينفق على حملته الانتخابية مبالغ قد تصل الى 25 مليون دولار, كما في ولاية كاليفورنيا الأمريكية, وحاولت قدر الامكان زيادة عدد المستفيدين من الديمقراطية وبالتالي زيادة عدد المدافعين عنها. ... ومع ذلك فإن الديمقراطية في الهند تعاني من أزمة, وهي أن الفقراء الذي لا يملكون يتم التعامل معهم وكأنهم لا يوجدون, ولأن الهند هي البلد الوحيد في العالم الذي يولد فيه الانسان في الأنبوب (من أنابيب البلدية), ويتزوج في الأنبوب ويموت في الأنبوب, فإن الديمقراطية تبقى مهددة, فالديمقراطية التي لا تطعم خبزاً تتحول الى مثل اله ذلك الأعرابي الذي كان يصنعه من التمر, فإذا جاع.. أكله(!).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق