كان العربي في الجاهلية يصنع آلهته من التمر فاذا جاع.. أكلها،
اليوم يستعيد الغربي هذا التراث الجاهلي العربي، ولكنه يصنع آلهته من
الجبن ومشتقات اخرى وهو يأكلها دائما. رجل الاعمال الاسترالي ديك سميث
اكتشف ان علم البلاد مازال مقدسا عند ابناء قومه واكتشف ايضا ان لهذا العلم
مهمات اخرى غير رفعه فوق الابنية الرسمية والثكنات العسكرية والقطع
البحرية فقام بطبعه فوق علب الجبنة من ماركة «أوزميت» ومعه عبارة: اننا نرد
الهجوم، وتحتها وبحروف كبيرة عبارة: هذا الجبن صنع بفخر في استراليا»، وفي
خلال 18 شهرا منذ اطلاق هذا الجبن الاسترالي الاصيل استطاع ديك سميث ان
يجتاح السوق ويحصد مبلغ 40 مليون دولار مبيعات ولان التجربة كانت مشجعة فقد
انتقل من الجبن الى صناعات اخرى من معجون البندورة الى العصائر وصولا الى
المربيات وهو يشق طريقه حاليا باتجاه المعلبات. مستقبل يصنعه..
الجبن رجل الاعمال الاسترالي، كما تروي صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية لم يكن يهدف للربح، فهو مهد لحملته باعلان يقول: ان معظم الطعام يجعلني مريضا» وكان بذلك يشير الى نوع من الجبن المستورد من ماركة «فيجاميت» وتقوم بتصنيعه شركة «كرافت» التي تملكها شركة فيليب موريس صانعة التبغ الامريكية. وديك سميث لايكذب كثيرا عندما يقول انه لايهدف الى تحقيق الربح من وراء مشروعه «الوطني» فهو مليونير كبير، ومهمة مشروعه هي تسويق الانتاج المحلي لان استراليا على حد قوله، تكاد تتحول الى فرع للصناعات الاجنبية، ويضيف: اذا لم نكن حذرين من هذه الناحية فاننا سوف نفقد تماما السيطرة على مستقبلنا». رجل الأعمال والسياسي ان رجل الأعمال عادة يترك للسياسي ان يتحدث عن الوطنية والمشاعر القومية، ولكن ديك سميث يلعب الدورين معا، فهو رجل البزنس ورجل السياسة معاً، وقد حقق شعبية كاسحة بين المزارعين والعمال في المصانع الريفية الصغيرة، وكذلك في الجامعات وفي اوساط المثقفين الذين لايتركون فرصة من دون ان يتظاهروا ضد تيار العولمة دفاعا عن هويتهم، وما فعله المليونير الاسترالي هو انه جعل الجبنة والعصائر ومعجون الطماطم جزءا من هذه الهوية الوطنية المقاومة. يقول: انا لست انعزاليا ولست ضد الصناعة الأجنبية بالمطلق، فالسيارة التي اركبها والهليوكبتر التي اطير بها هي صناعة أجنبية نحتاجها، وربما لا نستطيع تصنيع مثلها، ولكن لدينا افضل ما في العالم من انتاج زراعي، فلماذا نفضل الأجنبي؟ وفي كلام ديك سميث الكثير من الاقناع خاصة وأنه أعلن ان ما يحققه مشروعه من أرباح سوف يتم استثمار بعضه في تطوير المشروع، اما الباقي فسوف يذهب لمؤسسات العمل الخيري وفي طليعتها الصليب الاحمر. هل نستغرب بعد هذا نجاح ديك سميث في استثمار انتاجه لتأجيج المشاعر الوطنية؟ او بالعكس استغلال المشاعر الوطنية لتسويق اجبانه؟ نائب رئيس الوزراء الاسترالي السابق يجيب: هذا المشروع اقرب الى حركات الردة، انه يريد بناء سور حولنا وتحويل استراليا الى قلعة مغلقة، ان الاستثمارات الاجنبية الكبيرة هي التي توجد فرص العمل لعشرات الآلاف من الاستراليين. مرسيدس فوق الجميع وهذا الحوار لا يقتصر على استراليا وحدها، بل يكاد يجتاح العالم كله وهو يحدد قواعد المواجهة بين المجتمعات المحلية وبين تيار العولمة، ميدانيا وليس نظريا. فاذا كان ديك سميث يمنح المحلية هالة قدسية يمكن استثمارها في العالم المعاصر، فان الشركات الكبرى العابرة للقارات تطرح موقفا نقيضا لا قدسية فيه سوى للمال والارباح، ولعل شركة مرسيدس بنز في المانيا وشركة سوني في اليابان تشكلان نموذجا مثاليا للمقولة الشهيرة: ليس من مهمات رجل الاعمال الوعظ بل تحقيق الربح. في ألمانيا، وقبل سنوات، هدد المستشار الالماني السابق هيلموت كول بسحب الجنسية الالمانية من حفيد بطل الحرب العالمية الثانية رومل الملقب بثعلب الصحراء، ما دفع المستشار الألماني الى هذا التهديد هو ان حفيد رومل كان يرأس مجلس ادارة مصانع مرسيدس بنز للسيارات، وقد صرّح الحفيد بأن شركته. وهي تعتبر فخر الصناعة الألمانية، سوف تنقل معظم مصانعها الى دول مجاورة فيما لو استمرت الحكومة الألمانية في منح مزايا اضافية للعمال على حساب أرباب العمل. وبالطبع لو ان رومل القائد بطل حرب العلمين سمع هذا التصريح لحكم على حفيده فوراً بالاعدام رميا بالرصاص، فهو امضى حياته يردد النشيد الوطني: ألمانيا فوق الجميع، ولكن الحفيد يعيش في عصر آخر، ونشيده الوطني هو: مرسيدس فوق الجميع، بما فيهم ألمانيا، وهو ما استفز المستشار كول فأطلق صرخته الشهيرة: ان المارك وحده لا يصنع هوية ألمانيا». صنع في سوني والحدث نفسه تكرر مع شركة سوني في اليابان، فالبلاد التي اطلقت اشهر عمليات انتحارية في الحرب العالمية الثانية: وهي المعروفة باسم الكاميكازي، حيث كان يهوي الطيار بطائرته محمّلة بالقنابل فوق القطع الحربية الأمريكية دفاعا عن وطنه، هي نفسها البلاد التي انطلقت منها شركة سوني، وقد سئل احد مؤسسي الشركة ما اذا كانت الشركة تشعر بالفخر عندما تكتب على منتجاتها «صنع في اليابان» فأجاب: العكس هو الصحيح، والشعار المناسب هو: صنع في سوني.
الجبن رجل الاعمال الاسترالي، كما تروي صحيفة «فايننشيال تايمز» البريطانية لم يكن يهدف للربح، فهو مهد لحملته باعلان يقول: ان معظم الطعام يجعلني مريضا» وكان بذلك يشير الى نوع من الجبن المستورد من ماركة «فيجاميت» وتقوم بتصنيعه شركة «كرافت» التي تملكها شركة فيليب موريس صانعة التبغ الامريكية. وديك سميث لايكذب كثيرا عندما يقول انه لايهدف الى تحقيق الربح من وراء مشروعه «الوطني» فهو مليونير كبير، ومهمة مشروعه هي تسويق الانتاج المحلي لان استراليا على حد قوله، تكاد تتحول الى فرع للصناعات الاجنبية، ويضيف: اذا لم نكن حذرين من هذه الناحية فاننا سوف نفقد تماما السيطرة على مستقبلنا». رجل الأعمال والسياسي ان رجل الأعمال عادة يترك للسياسي ان يتحدث عن الوطنية والمشاعر القومية، ولكن ديك سميث يلعب الدورين معا، فهو رجل البزنس ورجل السياسة معاً، وقد حقق شعبية كاسحة بين المزارعين والعمال في المصانع الريفية الصغيرة، وكذلك في الجامعات وفي اوساط المثقفين الذين لايتركون فرصة من دون ان يتظاهروا ضد تيار العولمة دفاعا عن هويتهم، وما فعله المليونير الاسترالي هو انه جعل الجبنة والعصائر ومعجون الطماطم جزءا من هذه الهوية الوطنية المقاومة. يقول: انا لست انعزاليا ولست ضد الصناعة الأجنبية بالمطلق، فالسيارة التي اركبها والهليوكبتر التي اطير بها هي صناعة أجنبية نحتاجها، وربما لا نستطيع تصنيع مثلها، ولكن لدينا افضل ما في العالم من انتاج زراعي، فلماذا نفضل الأجنبي؟ وفي كلام ديك سميث الكثير من الاقناع خاصة وأنه أعلن ان ما يحققه مشروعه من أرباح سوف يتم استثمار بعضه في تطوير المشروع، اما الباقي فسوف يذهب لمؤسسات العمل الخيري وفي طليعتها الصليب الاحمر. هل نستغرب بعد هذا نجاح ديك سميث في استثمار انتاجه لتأجيج المشاعر الوطنية؟ او بالعكس استغلال المشاعر الوطنية لتسويق اجبانه؟ نائب رئيس الوزراء الاسترالي السابق يجيب: هذا المشروع اقرب الى حركات الردة، انه يريد بناء سور حولنا وتحويل استراليا الى قلعة مغلقة، ان الاستثمارات الاجنبية الكبيرة هي التي توجد فرص العمل لعشرات الآلاف من الاستراليين. مرسيدس فوق الجميع وهذا الحوار لا يقتصر على استراليا وحدها، بل يكاد يجتاح العالم كله وهو يحدد قواعد المواجهة بين المجتمعات المحلية وبين تيار العولمة، ميدانيا وليس نظريا. فاذا كان ديك سميث يمنح المحلية هالة قدسية يمكن استثمارها في العالم المعاصر، فان الشركات الكبرى العابرة للقارات تطرح موقفا نقيضا لا قدسية فيه سوى للمال والارباح، ولعل شركة مرسيدس بنز في المانيا وشركة سوني في اليابان تشكلان نموذجا مثاليا للمقولة الشهيرة: ليس من مهمات رجل الاعمال الوعظ بل تحقيق الربح. في ألمانيا، وقبل سنوات، هدد المستشار الالماني السابق هيلموت كول بسحب الجنسية الالمانية من حفيد بطل الحرب العالمية الثانية رومل الملقب بثعلب الصحراء، ما دفع المستشار الألماني الى هذا التهديد هو ان حفيد رومل كان يرأس مجلس ادارة مصانع مرسيدس بنز للسيارات، وقد صرّح الحفيد بأن شركته. وهي تعتبر فخر الصناعة الألمانية، سوف تنقل معظم مصانعها الى دول مجاورة فيما لو استمرت الحكومة الألمانية في منح مزايا اضافية للعمال على حساب أرباب العمل. وبالطبع لو ان رومل القائد بطل حرب العلمين سمع هذا التصريح لحكم على حفيده فوراً بالاعدام رميا بالرصاص، فهو امضى حياته يردد النشيد الوطني: ألمانيا فوق الجميع، ولكن الحفيد يعيش في عصر آخر، ونشيده الوطني هو: مرسيدس فوق الجميع، بما فيهم ألمانيا، وهو ما استفز المستشار كول فأطلق صرخته الشهيرة: ان المارك وحده لا يصنع هوية ألمانيا». صنع في سوني والحدث نفسه تكرر مع شركة سوني في اليابان، فالبلاد التي اطلقت اشهر عمليات انتحارية في الحرب العالمية الثانية: وهي المعروفة باسم الكاميكازي، حيث كان يهوي الطيار بطائرته محمّلة بالقنابل فوق القطع الحربية الأمريكية دفاعا عن وطنه، هي نفسها البلاد التي انطلقت منها شركة سوني، وقد سئل احد مؤسسي الشركة ما اذا كانت الشركة تشعر بالفخر عندما تكتب على منتجاتها «صنع في اليابان» فأجاب: العكس هو الصحيح، والشعار المناسب هو: صنع في سوني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق