حكايات سياسية : بقلم- شوقي رافع-التاريخ: 11 سبتمبر 1998
كم شرطيا نحتاج في تقديركم للحفاظ على الامن الداخلي في غزة؟
السؤال طرحه المفاوض الفلسطيني أحمد قريع أبوعلاء على الجانب الاسرائيلي
والنرويجي في أوسلو في يونيو عام 1993, أضاف: أنتم محترفون, ونريد تقديرا
موضوعيا . وطال النقاش حول هذه النقطة, وعلى ما يروي وزير الخارجية
الاسرائيلي في تلك الفترة شيمون بيريز, فإن أبو علاء أكد في اجتماع لاحق ان
منظمة التحرير الفلسطينية لن تقبل بأقل من 16 ألف رجل شرطة لحفظ الامن,
يكون ستة آلاف منهم فلسطينيين, اما العشرة آلاف الباقون فهم من الاجانب,
ولعل الولايات المتحدة تقبل بإرسال بعض قواتها للمشاركة.
في تلك الفترة كانت المفاوضات السرية تدور تحت عنوان (غزة وأريحا أولا) وكان المفاوض الفلسطيني, بتوجيهات من ياسر عرفات يعتبر ان الامن, ممثلا برجال الشرطة, يحتل أولوية في المفاوضات, وردا على الاقتراح الفلسطيني بالاستعانة بالامريكيين لحماية الامن الداخلي, قال بيريز ان الافضل استقدام قوات من سنغافورة, باعتبار ان سنغافورة هي النموذج الذي يمكن ان تحتذيه غزة فتتحول من الفقر الى الغنى في مسيرة لا تعرف الوقوف. وبعد خمس سنوات على توقيع (اتفاق المبادىء) فإن عدد قوات الامن في اراضي السلطة ارتفع الى 26 ألفا, ولكنهم من الفلسطينيين, بالطبع ان غزة لم تتحول الى سنغافورة, ولكن لا أحد يستطيع ان ينكر ان عرفات في مسألة الامن الداخلي لم يقدم اي تنازل (!). وهكذا هي المحطة الاولى على الطريق الى سنغافورة. معنا ... لا مع دمشق محطة ثانية يكشف عنها بيريز ايضا, هذا نصها: (على صعيد التاكتيك, اقترحت على لارسن (الوسيط النرويجي) ان يقول للفلسطينيين تلميحا ان لدى اسرائيل خيارا كبيرا في هذه المرحلة اذا لم يسارعوا الى الوصول الى اتفاق, وهو ان تعقد صفقة سريعة مع سوريا بدلا من الفلسطينيين, وقلت له ان دمشق قد اطلقت عدة اشارات ايجابية, ولأن اسرائيل لا تستطيع ان تندفع على السكتين معا وفي وقت واحد, فإن عليها ان تختار واحدة من السكتين) . كانت الساعة تشير الى الواحدة و15 دقيقة, عندما أطلق بيريز هذه الاشارة, وتعاقبت الاتصالات الهاتفية بين الوسيط النرويجي في أوسلو ومعه بيريز من جهة وبين أبوعلاء ومعه ياسر عرفات في قصر منظمة التحرير في تونس من جهة اخرى, وفي الساعة الرابعة و20 دقيقة من فجر اليوم التالي تم الاتفاق على آخر النقاط في اعلان المبادىء, ويكتب بيريز (مع المخابرة الاخيرة, كانت الانفعالات في مكتب عرفات تفيض عبر الهاتف, وعندما تم الاعلان عن الاتفاق حول النقطة الاخيرة, كنا نستطيع سماعهم وهم يهتفون ويضجون, وكنا نعرف ان كلا منهم يعانق الآخر) . ... وفي الطريق الى سنغافورة فإن عرفات لن يسمح لعاصمة عربية ان تسبقه, وخاصة دمشق, وعلى ذمة بيريز في كتابه (محارب من أجل السلام) فإن عرفات طلب من أبوعلاء ان يبلغ بيريز انه رجل قادر على ان يمنح الفلسطينيين ما لا يستطيع, أو ما لا يرغب كثيرون من القادة العرب ان يمنحوه لهم. وحدة بين فلسطين وإسرائيل (!) ومحطة ثالثة في الطريق الى هذه السنغافورة الموعودة, أي قيام الدولة الفلسطينية في مايو العام المقبل, اية دولة. نقرأ في كتاب (في أرض اسرائيل) للروائي الاسرائيلي الشهير (آموس أوز) الحوارات التالية, وقد صدر الكتاب في عام 1983: (يا زياد ما الذي سيحدث لو ان عرفات تصرف على طريقة السادات وجاء الى اسرائيل ليعرض السلام والاعتراف المتبادل؟) . السؤال يطرحه المؤلف على زياد أبوزياد وكان عندئذ رئيس تحرير صحيفة (الفجر العربي) الصادرة في القدس وهو حاليا عضو في المجلس التشريعي ووزير في حكومة ياسر عرفات. ويرد زياد: حسنا, سوف يقع انقسام في الشارع العربي, بعضهم سوف يقول: رائع, ان هذا سوف يحرج الاسرائيليين, سوف يدفعهم الى الأزمة, آخرون سوف يقولون ان عرفات خائن, مع ذلك, فإن اغلبية المقاتلين من اجل الحرية سوف يستقبلون هذه الخطوة بفرح. ويعود المؤلف للسؤال: ولكن ماذا سيحدث لو تم تقسيم الأرض, وكانت هناك اتفاقية سلام؟ ويرد زياد: حسنا, في الواقع اننا نحن الفلسطينيين والاسرائيليين مرتبطون بعضنا ببعض, وربما خلال عشرين أو ثلاثين سنة سوف تتم وحدة بين الدولتين, سوف نتعود على العيش معا ضمن احترام متبادل, ان الفلسطينيين يشعرون بالمرارة بسبب الدول العربية, ان ما فعلته الدول العربية بنا جميعا, عبر هذه السنوات ليس اقل جريمة مما فعلته بنا اسرائيل, لذلك لعله عندما يتحقق السلام, سوف يتحقق التفاهم, لعله في يوم ما سوف تكون دولة واحدة. لماذا رام الله وليس الرملة؟ ويسأل المؤلف: ولكن يا زياد أنت تشعر بالمرارة من الاسرائيليين ولكنك تقترح مع ذلك ان تتحد معهم, لماذا ليس مع الاردن, أو سوريا, لماذا ليس مع باقي العرب؟ يرد زياد: حسنا, في يوم ما ان العالم كله سوف يكون موحدا, هذا هو اتجاه التاريخ, هذا ما يقول به المنطق, ويمكن أن يبدأ بين الفلسطينيين والاسرائيليين, بقرار نابع من ارادة حرة, لم لا؟ ولكن قبل كل شيء لابد ان يكون الفلسطينيون احرارا.. ويعود المؤلف فيسأله: ولكن يا زياد, بماذا سوف تجيب الفتى الشاب اذا جاء يسألك: لماذا تضم فلسطين رام الله في الضفة الغربية ولا تضم الرملة في السهل الساحلي؟ ويرد زياد: سأقول له: لا تكن حمارا. لقد دفعنا حتى الآن ثمنا غاليا لهذا الجنون..(!). لماذا النوم في سرير اليهودي؟ رئيس القسم الثقافي في الصحيفة نفسها علي الخليلي (أبو خالد) يقول للمؤلف أنه لابد من تسوية, وعندما يسأله عن نوع التسوية لحل المشكلة الفلسطينية, يرد الخليلي: حسنا, هناك حل هو أقرب الى الحلم: دولة واحدة. في الوقت نفسه, هناك حل واقعي: دولتان مستقلتان منفصلتان, ولعل الحل الواقعي يقود في النهاية الى الحل المثالي. ويسأل المؤلف: ولكن يا أبو خالد, لماذا أنت راغب الى هذا الحد في الذهاب الى السرير مع اليهود لماذا تريد أن تعيش معهم في دولة واحدة, لماذا لا تريد دولة مشتركة مع الأردن؟ ويرد أبو خالد: حسنا, اسمع, لقد تعلمنا شيئا منكم, نريد أن نكون مجتمعا منفتحا, تعدديا وديمقراطيا, وهذا لن يحدث كما أرى في المدى المنظور مع الاردن... يذكر ان الليكود بقيادة اسحاق شامير كان يحكم في تلك الفترة في اسرائيل, وكانت القوات الاسرائيلية تحتل لبنان. حلم أم كابوس؟ (ان فيلليني وحده القادر على اخراج فيلم من هذا النوع) كان هذا تعليق شيمون بيريز على اتفاق اعلان المبادىء مع عرفات, وبيريز على حق, فالوحدة العربية تبدأ مع نتانياهو, ثم تنتشر.. والمجتمع المدني المنفتح والتعددي والديمقراطي تبنيه أجهزة الأمن.. سنغافورة هل هي حلم أم كابوس؟
في تلك الفترة كانت المفاوضات السرية تدور تحت عنوان (غزة وأريحا أولا) وكان المفاوض الفلسطيني, بتوجيهات من ياسر عرفات يعتبر ان الامن, ممثلا برجال الشرطة, يحتل أولوية في المفاوضات, وردا على الاقتراح الفلسطيني بالاستعانة بالامريكيين لحماية الامن الداخلي, قال بيريز ان الافضل استقدام قوات من سنغافورة, باعتبار ان سنغافورة هي النموذج الذي يمكن ان تحتذيه غزة فتتحول من الفقر الى الغنى في مسيرة لا تعرف الوقوف. وبعد خمس سنوات على توقيع (اتفاق المبادىء) فإن عدد قوات الامن في اراضي السلطة ارتفع الى 26 ألفا, ولكنهم من الفلسطينيين, بالطبع ان غزة لم تتحول الى سنغافورة, ولكن لا أحد يستطيع ان ينكر ان عرفات في مسألة الامن الداخلي لم يقدم اي تنازل (!). وهكذا هي المحطة الاولى على الطريق الى سنغافورة. معنا ... لا مع دمشق محطة ثانية يكشف عنها بيريز ايضا, هذا نصها: (على صعيد التاكتيك, اقترحت على لارسن (الوسيط النرويجي) ان يقول للفلسطينيين تلميحا ان لدى اسرائيل خيارا كبيرا في هذه المرحلة اذا لم يسارعوا الى الوصول الى اتفاق, وهو ان تعقد صفقة سريعة مع سوريا بدلا من الفلسطينيين, وقلت له ان دمشق قد اطلقت عدة اشارات ايجابية, ولأن اسرائيل لا تستطيع ان تندفع على السكتين معا وفي وقت واحد, فإن عليها ان تختار واحدة من السكتين) . كانت الساعة تشير الى الواحدة و15 دقيقة, عندما أطلق بيريز هذه الاشارة, وتعاقبت الاتصالات الهاتفية بين الوسيط النرويجي في أوسلو ومعه بيريز من جهة وبين أبوعلاء ومعه ياسر عرفات في قصر منظمة التحرير في تونس من جهة اخرى, وفي الساعة الرابعة و20 دقيقة من فجر اليوم التالي تم الاتفاق على آخر النقاط في اعلان المبادىء, ويكتب بيريز (مع المخابرة الاخيرة, كانت الانفعالات في مكتب عرفات تفيض عبر الهاتف, وعندما تم الاعلان عن الاتفاق حول النقطة الاخيرة, كنا نستطيع سماعهم وهم يهتفون ويضجون, وكنا نعرف ان كلا منهم يعانق الآخر) . ... وفي الطريق الى سنغافورة فإن عرفات لن يسمح لعاصمة عربية ان تسبقه, وخاصة دمشق, وعلى ذمة بيريز في كتابه (محارب من أجل السلام) فإن عرفات طلب من أبوعلاء ان يبلغ بيريز انه رجل قادر على ان يمنح الفلسطينيين ما لا يستطيع, أو ما لا يرغب كثيرون من القادة العرب ان يمنحوه لهم. وحدة بين فلسطين وإسرائيل (!) ومحطة ثالثة في الطريق الى هذه السنغافورة الموعودة, أي قيام الدولة الفلسطينية في مايو العام المقبل, اية دولة. نقرأ في كتاب (في أرض اسرائيل) للروائي الاسرائيلي الشهير (آموس أوز) الحوارات التالية, وقد صدر الكتاب في عام 1983: (يا زياد ما الذي سيحدث لو ان عرفات تصرف على طريقة السادات وجاء الى اسرائيل ليعرض السلام والاعتراف المتبادل؟) . السؤال يطرحه المؤلف على زياد أبوزياد وكان عندئذ رئيس تحرير صحيفة (الفجر العربي) الصادرة في القدس وهو حاليا عضو في المجلس التشريعي ووزير في حكومة ياسر عرفات. ويرد زياد: حسنا, سوف يقع انقسام في الشارع العربي, بعضهم سوف يقول: رائع, ان هذا سوف يحرج الاسرائيليين, سوف يدفعهم الى الأزمة, آخرون سوف يقولون ان عرفات خائن, مع ذلك, فإن اغلبية المقاتلين من اجل الحرية سوف يستقبلون هذه الخطوة بفرح. ويعود المؤلف للسؤال: ولكن ماذا سيحدث لو تم تقسيم الأرض, وكانت هناك اتفاقية سلام؟ ويرد زياد: حسنا, في الواقع اننا نحن الفلسطينيين والاسرائيليين مرتبطون بعضنا ببعض, وربما خلال عشرين أو ثلاثين سنة سوف تتم وحدة بين الدولتين, سوف نتعود على العيش معا ضمن احترام متبادل, ان الفلسطينيين يشعرون بالمرارة بسبب الدول العربية, ان ما فعلته الدول العربية بنا جميعا, عبر هذه السنوات ليس اقل جريمة مما فعلته بنا اسرائيل, لذلك لعله عندما يتحقق السلام, سوف يتحقق التفاهم, لعله في يوم ما سوف تكون دولة واحدة. لماذا رام الله وليس الرملة؟ ويسأل المؤلف: ولكن يا زياد أنت تشعر بالمرارة من الاسرائيليين ولكنك تقترح مع ذلك ان تتحد معهم, لماذا ليس مع الاردن, أو سوريا, لماذا ليس مع باقي العرب؟ يرد زياد: حسنا, في يوم ما ان العالم كله سوف يكون موحدا, هذا هو اتجاه التاريخ, هذا ما يقول به المنطق, ويمكن أن يبدأ بين الفلسطينيين والاسرائيليين, بقرار نابع من ارادة حرة, لم لا؟ ولكن قبل كل شيء لابد ان يكون الفلسطينيون احرارا.. ويعود المؤلف فيسأله: ولكن يا زياد, بماذا سوف تجيب الفتى الشاب اذا جاء يسألك: لماذا تضم فلسطين رام الله في الضفة الغربية ولا تضم الرملة في السهل الساحلي؟ ويرد زياد: سأقول له: لا تكن حمارا. لقد دفعنا حتى الآن ثمنا غاليا لهذا الجنون..(!). لماذا النوم في سرير اليهودي؟ رئيس القسم الثقافي في الصحيفة نفسها علي الخليلي (أبو خالد) يقول للمؤلف أنه لابد من تسوية, وعندما يسأله عن نوع التسوية لحل المشكلة الفلسطينية, يرد الخليلي: حسنا, هناك حل هو أقرب الى الحلم: دولة واحدة. في الوقت نفسه, هناك حل واقعي: دولتان مستقلتان منفصلتان, ولعل الحل الواقعي يقود في النهاية الى الحل المثالي. ويسأل المؤلف: ولكن يا أبو خالد, لماذا أنت راغب الى هذا الحد في الذهاب الى السرير مع اليهود لماذا تريد أن تعيش معهم في دولة واحدة, لماذا لا تريد دولة مشتركة مع الأردن؟ ويرد أبو خالد: حسنا, اسمع, لقد تعلمنا شيئا منكم, نريد أن نكون مجتمعا منفتحا, تعدديا وديمقراطيا, وهذا لن يحدث كما أرى في المدى المنظور مع الاردن... يذكر ان الليكود بقيادة اسحاق شامير كان يحكم في تلك الفترة في اسرائيل, وكانت القوات الاسرائيلية تحتل لبنان. حلم أم كابوس؟ (ان فيلليني وحده القادر على اخراج فيلم من هذا النوع) كان هذا تعليق شيمون بيريز على اتفاق اعلان المبادىء مع عرفات, وبيريز على حق, فالوحدة العربية تبدأ مع نتانياهو, ثم تنتشر.. والمجتمع المدني المنفتح والتعددي والديمقراطي تبنيه أجهزة الأمن.. سنغافورة هل هي حلم أم كابوس؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق