حقوق الإنسان, بعد نصف قرن على الاعلان عنها, تحولت إلى
نقيضها, وصارت... بالمقلوب (!). المطلع التقليدي للوثيقة العالمية, يقول:
إن من حق كل انسان ان يتمتع بحياة لائقة, بما فيها حقه في الطعام ...
الملبس, المسكن, الرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الضرورية... وكذلك حقه
في التعليم) . حق الانسان في ان يأكل هو بداية الحقوق كلها, كما تحددها
الوثيقة العالمية, وهذا الحق يعني ان يجد الانسان ما يأكله كي يمارس حقه في
الاكل, فإذا ألقينا نظرة سريعة على (تقرير التنمية البشرية) الصادر عن
الأمم المتحدة ذاتها للعام 1998 فسوف نكتشف ان العالم كله في العام 1970
أكل 87 مليون طن من اللحوم, استقر منها 57 مليون طن في بطون سكان العالم
الصناعي وحده, وبالتحديد في بطون أهل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا
والمانيا واليابان وبعض الاطراف الاوروبية العاشقة للذبائح, ولكن عدد هؤلاء
جميعاً لايزيد عن مليار و200 مليون من سكان الارض, اما الــ (30) مليون طن
الباقية, فقد توزعت على ذرية آدم في سائر انحاء المعمورة, وعدد هؤلاء
حوالي اربعة مليارات و800 مليون فم.
أما في العام 1995 فقد ارتفع استهلاك اللحوم لدى سكان الارض ليصل إلى (199) مليون طن, أكل منها سكان العالم الصناعي (95) مليون طن, اي اقل من النصف بقليل, بينما نال العالم كله النصف الباقي, وكي نقترب واقعياً من الصورة, نفترض ان هناك وليمة تجمع حوالي ثلاثين الف مدعو إلى العشاء, وان صاحب الوليمة لم يقدم للمعازيم اكثر من ذبيحتين, فإن حصة المدعوين سوف تتوزع كالتالي: ستة من بينهم ينالون ذبيحة كاملة تقريبا, بينما الباقون وعددهم 24 مدعواً سوف يتناهشون الذبيحة الباقية, وبالطبع فإن اكثر من نصفهم لن يتسنى له اكثر من ان يكحّل عينيه بمرأى الذبيحة, أو ان يعطر يديه ببقايا العظام. وهذا تماما ما يحدث على مستوى العالم اذ تقول وثائق الأمم المتحدة ان هناك مليارين من البشر يعانون اليوم من سوء التغذية, اي انهم لا يجدون ما يكفي من الغذاء لحفظ اجسادهم, وهم بالتالي يستهلكونها او يأكلون بعضهم فيما تعارف على تسميته بحروب الجياع, خاصة في افريقيا, حيث الجوع يكاد يحتل خارطتها بالكامل. أمريكا... المترهلة إذن وباعتراف الأمم المتحدة , فإن أبسط حقوق الانسان وهي حقه في ان يعيش كحيوان يأكل, تنتهك, أمام سمع العالم وبصره, عبر شاشات العولمة, ويسقط ثلثي سكان الأرض ضحايا... بينما العالم الصناعي يرفع رايات حقوق الانسان فوق مآدبه العامرة. ونصل الى ثالثة الأثافي كما تقول العرب, اذ ان الجوع هو جزء من الصورة, والانسان الهزيل الباحث عن جذور نبتة يأكلها يقابله على الضفة الاخرى انسان بدين ومتخم ويصرخ مطالبا بحقوقه كانسان ايضا ولعلنا هنا نحتاج الى الدخول في بعض التفاصيل لنكشف عن ملامح هذا العالم المقلوب. تقول آخر الاحصاءات الامريكية ان 54 بالمائة من البالغين و25 بالمائة من سكان الولايات المتحدة يعانون من البدانة المفرطة, اي ان 79 شخصاً من بين كل مائة امريكي يأكلون اكثر من حاجتهم بكثير, وهو ما يجعلهم براميل من اللحم والشحم متنقلة. وربما يقول العالم ان هذا من حقهم, و(صحتين) على قلوبهم, ومطرح ما يسري يمري... فهم في نهاية المطاف القوة العظمى في العالم, وهي قوة قادرة على ان تفرم الكرة الارضية بما عليها... بين اسنانها... معاقون ونطالب بحقوقنا مع ذلك فإن الصرخة تتصاعد من قطعان هذه القطط السمان بالذات, وهي تطلب من حكومتها أن توفر لكل فرد فيها (الرعاية الصحية) التي تفرضها وثيقة حقوق الانسان, وليس هذا فحسب, اذ ان افراد هذه المجموعة يصنفون تخمتهم باعتبارها (إعاقة) ويطالبون الادارة الامريكية بتوفير رعاية خاصة لهم باعتبارهم معاقين, بما فيها صرف رواتب لهم بعد ان اصبح كثيرون من بينهم عاجزين عن الحركة وبالتالي عاطلين عن العمل (!). الادارة الامريكية تنفق حاليا حوالي (70) مليار دولار سنوياً لعلاج الامراض التي تنبت كالفطر في اجساد هؤلاء الجائعين ابداً, واذا تجاهلنا باقي ما تنفقه أوروبا الصناعية على معاقيها, وعدنا إلى احصاءات الأمم المتحدة اياها لنرى بعض مطالبها في مجال حقوق الانسان, فإننا سوف نقرأ الأرقام التالية: تطالب الأمم المتحدة بمبلغ ستة مليارات دولار فقط لتعميم التعليم الأساسي لجميع سكان الارض المحتاجين. تطالب الأمم المتحدة بمبلغ ثمانية مليارات دولار فقط لتوفير المياه العذبة والمجاري الصحية لجميع سكان العالم المحتاجين. تطالب الأمم المتحدة بمبلغ (13) مليار دولار فقط لتوفير الطعام والغذاء الكافي لجميع جياع الأرض. ومجموع هذه المبالغ هو (27) مليار دولار فقط, اي اقل من نصف المبلغ الذي تنفقه امريكا الشمالية وحدها على علاج أمراض التخمة (!). الحيوانات الأليفة... لا تجوع أما اذا تابعنا هذه الاحصاءات لنصل إلى ما تصفه العرب بأنه (ضغث على إبالة) فسوف نكتشف في احصاءات الأمم المتحدة إياها أن امريكا وأوروبا تنفق سنويا مبلغ (12) مليار دولار ثمناً لعطورها, وان اوروبا وحدها تصرف سنوياً مبلغ 11 مليار دولار على (الآيس كريم) يعني المثلجات. وأخيراً فإن مجموع ما يصرفه الامريكيون والأوروبيون ثمناً لطعام حيواناتهم الأليفة يصل إلى مبلغ (17) مليار دولار سنويا... (!).
أما في العام 1995 فقد ارتفع استهلاك اللحوم لدى سكان الارض ليصل إلى (199) مليون طن, أكل منها سكان العالم الصناعي (95) مليون طن, اي اقل من النصف بقليل, بينما نال العالم كله النصف الباقي, وكي نقترب واقعياً من الصورة, نفترض ان هناك وليمة تجمع حوالي ثلاثين الف مدعو إلى العشاء, وان صاحب الوليمة لم يقدم للمعازيم اكثر من ذبيحتين, فإن حصة المدعوين سوف تتوزع كالتالي: ستة من بينهم ينالون ذبيحة كاملة تقريبا, بينما الباقون وعددهم 24 مدعواً سوف يتناهشون الذبيحة الباقية, وبالطبع فإن اكثر من نصفهم لن يتسنى له اكثر من ان يكحّل عينيه بمرأى الذبيحة, أو ان يعطر يديه ببقايا العظام. وهذا تماما ما يحدث على مستوى العالم اذ تقول وثائق الأمم المتحدة ان هناك مليارين من البشر يعانون اليوم من سوء التغذية, اي انهم لا يجدون ما يكفي من الغذاء لحفظ اجسادهم, وهم بالتالي يستهلكونها او يأكلون بعضهم فيما تعارف على تسميته بحروب الجياع, خاصة في افريقيا, حيث الجوع يكاد يحتل خارطتها بالكامل. أمريكا... المترهلة إذن وباعتراف الأمم المتحدة , فإن أبسط حقوق الانسان وهي حقه في ان يعيش كحيوان يأكل, تنتهك, أمام سمع العالم وبصره, عبر شاشات العولمة, ويسقط ثلثي سكان الأرض ضحايا... بينما العالم الصناعي يرفع رايات حقوق الانسان فوق مآدبه العامرة. ونصل الى ثالثة الأثافي كما تقول العرب, اذ ان الجوع هو جزء من الصورة, والانسان الهزيل الباحث عن جذور نبتة يأكلها يقابله على الضفة الاخرى انسان بدين ومتخم ويصرخ مطالبا بحقوقه كانسان ايضا ولعلنا هنا نحتاج الى الدخول في بعض التفاصيل لنكشف عن ملامح هذا العالم المقلوب. تقول آخر الاحصاءات الامريكية ان 54 بالمائة من البالغين و25 بالمائة من سكان الولايات المتحدة يعانون من البدانة المفرطة, اي ان 79 شخصاً من بين كل مائة امريكي يأكلون اكثر من حاجتهم بكثير, وهو ما يجعلهم براميل من اللحم والشحم متنقلة. وربما يقول العالم ان هذا من حقهم, و(صحتين) على قلوبهم, ومطرح ما يسري يمري... فهم في نهاية المطاف القوة العظمى في العالم, وهي قوة قادرة على ان تفرم الكرة الارضية بما عليها... بين اسنانها... معاقون ونطالب بحقوقنا مع ذلك فإن الصرخة تتصاعد من قطعان هذه القطط السمان بالذات, وهي تطلب من حكومتها أن توفر لكل فرد فيها (الرعاية الصحية) التي تفرضها وثيقة حقوق الانسان, وليس هذا فحسب, اذ ان افراد هذه المجموعة يصنفون تخمتهم باعتبارها (إعاقة) ويطالبون الادارة الامريكية بتوفير رعاية خاصة لهم باعتبارهم معاقين, بما فيها صرف رواتب لهم بعد ان اصبح كثيرون من بينهم عاجزين عن الحركة وبالتالي عاطلين عن العمل (!). الادارة الامريكية تنفق حاليا حوالي (70) مليار دولار سنوياً لعلاج الامراض التي تنبت كالفطر في اجساد هؤلاء الجائعين ابداً, واذا تجاهلنا باقي ما تنفقه أوروبا الصناعية على معاقيها, وعدنا إلى احصاءات الأمم المتحدة اياها لنرى بعض مطالبها في مجال حقوق الانسان, فإننا سوف نقرأ الأرقام التالية: تطالب الأمم المتحدة بمبلغ ستة مليارات دولار فقط لتعميم التعليم الأساسي لجميع سكان الارض المحتاجين. تطالب الأمم المتحدة بمبلغ ثمانية مليارات دولار فقط لتوفير المياه العذبة والمجاري الصحية لجميع سكان العالم المحتاجين. تطالب الأمم المتحدة بمبلغ (13) مليار دولار فقط لتوفير الطعام والغذاء الكافي لجميع جياع الأرض. ومجموع هذه المبالغ هو (27) مليار دولار فقط, اي اقل من نصف المبلغ الذي تنفقه امريكا الشمالية وحدها على علاج أمراض التخمة (!). الحيوانات الأليفة... لا تجوع أما اذا تابعنا هذه الاحصاءات لنصل إلى ما تصفه العرب بأنه (ضغث على إبالة) فسوف نكتشف في احصاءات الأمم المتحدة إياها أن امريكا وأوروبا تنفق سنويا مبلغ (12) مليار دولار ثمناً لعطورها, وان اوروبا وحدها تصرف سنوياً مبلغ 11 مليار دولار على (الآيس كريم) يعني المثلجات. وأخيراً فإن مجموع ما يصرفه الامريكيون والأوروبيون ثمناً لطعام حيواناتهم الأليفة يصل إلى مبلغ (17) مليار دولار سنويا... (!).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق