الملف السياسي ـ حكايات سياسية ـ التاريخ: 09 نوفمبر 2001
تقول طرفة قديمة ان امريكيا وروسيا التقيا في مناظرة حول
الحريات في بلديهما، فقال الامريكي: انا باستطاعتي ان اشتم الرئيس الامريكي
علنا ومن دون خوف، فقاطعه الروسي قائلا: هذا ما نفعله جميعا في ساحة
الكرملين، اننا نشتم الرئيس الامريكي ومن دون خوف. وما يحدث حاليا في بعض
العالمين العربي والاسلامي يعيد للطرفة وهجها، فكثير من المثقفين المكبلين
باغلال انظمة مستبدة لم تعرف في تاريخها اي حقوق للانسان يتطوعون للدفاع عن
الحريات في .. امريكا، ويذرفون الكثير من الدموع على المجتمع المدني
الامريكي، مع ان هذا المجتمع كان قادرا باستمرار على حماية نفسه و ..
حرياته.
ان وزارة العدل في الولايات المتحدة الامريكية مازالت تقاوم الطلبات المشروعة لتقديم معلومات عن 1017 شخصا اعترفت انه تم توقيفهم خلال التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر. بهذه العبارات يبدأ تعليق لصحيفة واشنطن بوست نشرته يوم الخميس الاول من نوفمبر الجاري، ويضيف التعليق الذي يعبر عن وجهة نظر الصحيفة: «ان منظمات الحقوق المدنية، ومجموعات اخرى، لم تعد مهماتها تتجاوز ملء استمارات لطلب الحقائق استنادا الى قانون حرية الحصول على المعلومات، من دون ان تحقق نتائج تذكر. ومثل هذا الامر لايجب ان يحدث ». ويقول التعليق: « ان الاسئلة اساسية بالفعل. كم واحدا بين هؤلاء وهم يزيدون على الف مازال رهن التوقيف؟ من هم هؤلاء الموقوفون؟ ماهي التهم الموجهة ضدهم؟ واين تندرج قضاياهم؟ ان وزارة العدل لاترفض الاجابة فحسب بل انها ترفض حتى ان تعطي تفسيرا جادا لاسباب رفضها .». ويضيف تعليق الصحيفة التي تصدر عن العاصمة الامريكية ويزيد توزيعها على مليوني نسخة يوميا: ان الحكومة تواجه موقفا صعبا، بل ومتناقضا احيانا، فهي عليها ان لا تحاكم فقط المتآمرين الباقين في هجمات 11 سبتمبر، بل عليها ايضا ان تضمن عدم تكرار هذه الهجمات، وفي الوقت نفسه، فانها عندما تتخلى عن بعض ماتقاتل في سبيله فان عليها ان تتصرف ضمن نطاق التراث الدستوري، وقد كان هناك بعض التركيز، ولا اكثر من ذلك، على انها في حملة الاعتقالات الجماعية تجاوزت بعض تلك الحدود في عدة مناسبات: ان المدعي العام يقول «لا» بينما، حتى وزارته، تكثف جهودها، بموجب الصلاحيات التي اعتمدها الكونجرس في قانون مكافحة الارهاب وقد اقره الاسبوع الماضي. وينتهي التعليق على التأكيد بأن «منظمات الحقوق المدنية قد لاحظت وبحق في رسالتها الى المدعي العام قبل ايام بان «الصمت الرسمي يمنع اية محاولة ديمقراطية لمراقبة ردود افعال الحكومة على الهجمات واذا كانت استجابة الحكومة بريئة كما تزعم فلماذا لاتفرج عن المعلومات وتضع حدا للجدل الذي بدأ يتصاعد؟». ليس دفاعاً عن الاسلام اذن فان في الولايات المتحدة منظمات للحقوق المدنية ومجموعات اخرى ليست عربية ولا اسلامية تطلب من وزارة العدل الامريكية، وبالحاح شديد، ان تفرج عن المعلومات الخاصة بالموقوفين، ومعظمهم من العرب والمسلمين، وتدفع وسائل الاعلام الامريكية لان تتبنى مطالبها، وان تكشف عن المواقف المسيئة للديمقراطية التي تمارسها وزارة العدل، وهي المسئولة اساسا عن منع اي خرق لحقوق المواطن، وبالطبع ليس هدف هذه المنظمات المدنية هو الدفاع عن العرب والمسلمين، بل الدفاع عن الديمقراطية وهي تخص الامريكيين جميعا. لماذا الفظاظة؟ ولعل تعليق الصحيفة «النظري» يكتسي شحما ولحما في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في اليوم نفسه عن معاناة ميدانية يتعرض لها المواطن الامريكي عندما يمارس حقه ومتعته ايضا في السفر وركوب الطائرة بعد احداث سبتمبر الارهابية. عنوان التقرير هو :حماية افضل؟ نعم، ولكن لماذا الفظاظة؟ كاتب التقرير اسمه «جو شركي» واذا كان الاسم يقترب من كلمة «شرقي» كما نفهمها نحن، فان هذا لايعني الكاتب، ولم ينتبه اليه، لان الكمبيوتر هو من اختاره. يبدأ «شركي» تقريره من مدينة لاس فيجاس عاصمة القمار في العالم كله، كالتالي: «على اصحاب هذه الاسماء التقدم الى المنصة، هذا ماقالته الموظفة في شركة طيران «اير كونتيننتال» بالمكروفون عند بوابة المغادرة، وكان اسمي بينهم». ويروي الكاتب كيف امضى يومين مرهقين في المدينة وكيف جهز حقيبته واوراقه وقد تم التدقيق فيها مرتين قبل ان يستدعى الى المنصة. ويضيف: «سألتني الموظفة هل انت شركي؟ وعندما اومأت رأسي ايجابا، قالت: تراجع وقف هناك» واشارت الى منطقة خلف جدار، يقف عنده اثنان من الحراس، قامت شركة امن خاصة باستئجارهما. ويشكو الكاتب: استجبت صاغرا للتعليمات ولكنني كنت منزعجا فقد استخدمت شركة الطيران هذه في سفرات كثيرة وكثيرة، وكنت اعامل خلالها باحترام شديد، ولكنني هذه المرة كنت اكثر مهانة من ان انادى بكلمة: مستر اي سيد. ويضيف: قام الشاب بتفتيشي خلف الحائط، وقال بتهذيب: لقد جاء اسمك عبر الكمبيوتر، وكان ذلك ردا على سؤالي حول اسباب اختياري من بين المسافرين. وبعد ان يروي الكاتب تفاصيل تفتيشه يقول: لقد كنت احمل حقيبة سفر خفيفة، ليس فيها اية مواد ممنوعة، وقمت بشراء تذكرة الذهاب والاياب عبر الكمبيوتر وفي وقت مسبق، وكانت جميع اوراقي جاهزة ومرتبة، وبالتالي كنت اتوقع ان ابدو كأي رجل اعمال عادي يسافر، اذ لم يكن في مظهري او في سوابقي ما يشير الى انني ارهابي، فكيف اختارني الكمبيوتر اذن؟ وينتهي شركي: الى القول: ان المشكلة كما عشتها، وكما رواها لي بعض القراء هي ان هناك معاملة فظة يقوم بها بعض حراس الامن وبعض موظفي شركات الطيران من غير المتدربين وهو ما يكشف عن الاسباب التي دفعت الى هبوط عدد المسافرين جوا، بعد ان كاد يعود الى الحالة الطبيعية التي كان عليها قبل هجمات 11 سبتمبر. ان المواطن الامريكي يرفض تقييد حريته او اهانته ويتصدى لحكومته ونحن رعايا الاستبداد نتضامن معه. بقلم: شوقي رافع
ان وزارة العدل في الولايات المتحدة الامريكية مازالت تقاوم الطلبات المشروعة لتقديم معلومات عن 1017 شخصا اعترفت انه تم توقيفهم خلال التحقيقات في هجمات 11 سبتمبر. بهذه العبارات يبدأ تعليق لصحيفة واشنطن بوست نشرته يوم الخميس الاول من نوفمبر الجاري، ويضيف التعليق الذي يعبر عن وجهة نظر الصحيفة: «ان منظمات الحقوق المدنية، ومجموعات اخرى، لم تعد مهماتها تتجاوز ملء استمارات لطلب الحقائق استنادا الى قانون حرية الحصول على المعلومات، من دون ان تحقق نتائج تذكر. ومثل هذا الامر لايجب ان يحدث ». ويقول التعليق: « ان الاسئلة اساسية بالفعل. كم واحدا بين هؤلاء وهم يزيدون على الف مازال رهن التوقيف؟ من هم هؤلاء الموقوفون؟ ماهي التهم الموجهة ضدهم؟ واين تندرج قضاياهم؟ ان وزارة العدل لاترفض الاجابة فحسب بل انها ترفض حتى ان تعطي تفسيرا جادا لاسباب رفضها .». ويضيف تعليق الصحيفة التي تصدر عن العاصمة الامريكية ويزيد توزيعها على مليوني نسخة يوميا: ان الحكومة تواجه موقفا صعبا، بل ومتناقضا احيانا، فهي عليها ان لا تحاكم فقط المتآمرين الباقين في هجمات 11 سبتمبر، بل عليها ايضا ان تضمن عدم تكرار هذه الهجمات، وفي الوقت نفسه، فانها عندما تتخلى عن بعض ماتقاتل في سبيله فان عليها ان تتصرف ضمن نطاق التراث الدستوري، وقد كان هناك بعض التركيز، ولا اكثر من ذلك، على انها في حملة الاعتقالات الجماعية تجاوزت بعض تلك الحدود في عدة مناسبات: ان المدعي العام يقول «لا» بينما، حتى وزارته، تكثف جهودها، بموجب الصلاحيات التي اعتمدها الكونجرس في قانون مكافحة الارهاب وقد اقره الاسبوع الماضي. وينتهي التعليق على التأكيد بأن «منظمات الحقوق المدنية قد لاحظت وبحق في رسالتها الى المدعي العام قبل ايام بان «الصمت الرسمي يمنع اية محاولة ديمقراطية لمراقبة ردود افعال الحكومة على الهجمات واذا كانت استجابة الحكومة بريئة كما تزعم فلماذا لاتفرج عن المعلومات وتضع حدا للجدل الذي بدأ يتصاعد؟». ليس دفاعاً عن الاسلام اذن فان في الولايات المتحدة منظمات للحقوق المدنية ومجموعات اخرى ليست عربية ولا اسلامية تطلب من وزارة العدل الامريكية، وبالحاح شديد، ان تفرج عن المعلومات الخاصة بالموقوفين، ومعظمهم من العرب والمسلمين، وتدفع وسائل الاعلام الامريكية لان تتبنى مطالبها، وان تكشف عن المواقف المسيئة للديمقراطية التي تمارسها وزارة العدل، وهي المسئولة اساسا عن منع اي خرق لحقوق المواطن، وبالطبع ليس هدف هذه المنظمات المدنية هو الدفاع عن العرب والمسلمين، بل الدفاع عن الديمقراطية وهي تخص الامريكيين جميعا. لماذا الفظاظة؟ ولعل تعليق الصحيفة «النظري» يكتسي شحما ولحما في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» في اليوم نفسه عن معاناة ميدانية يتعرض لها المواطن الامريكي عندما يمارس حقه ومتعته ايضا في السفر وركوب الطائرة بعد احداث سبتمبر الارهابية. عنوان التقرير هو :حماية افضل؟ نعم، ولكن لماذا الفظاظة؟ كاتب التقرير اسمه «جو شركي» واذا كان الاسم يقترب من كلمة «شرقي» كما نفهمها نحن، فان هذا لايعني الكاتب، ولم ينتبه اليه، لان الكمبيوتر هو من اختاره. يبدأ «شركي» تقريره من مدينة لاس فيجاس عاصمة القمار في العالم كله، كالتالي: «على اصحاب هذه الاسماء التقدم الى المنصة، هذا ماقالته الموظفة في شركة طيران «اير كونتيننتال» بالمكروفون عند بوابة المغادرة، وكان اسمي بينهم». ويروي الكاتب كيف امضى يومين مرهقين في المدينة وكيف جهز حقيبته واوراقه وقد تم التدقيق فيها مرتين قبل ان يستدعى الى المنصة. ويضيف: «سألتني الموظفة هل انت شركي؟ وعندما اومأت رأسي ايجابا، قالت: تراجع وقف هناك» واشارت الى منطقة خلف جدار، يقف عنده اثنان من الحراس، قامت شركة امن خاصة باستئجارهما. ويشكو الكاتب: استجبت صاغرا للتعليمات ولكنني كنت منزعجا فقد استخدمت شركة الطيران هذه في سفرات كثيرة وكثيرة، وكنت اعامل خلالها باحترام شديد، ولكنني هذه المرة كنت اكثر مهانة من ان انادى بكلمة: مستر اي سيد. ويضيف: قام الشاب بتفتيشي خلف الحائط، وقال بتهذيب: لقد جاء اسمك عبر الكمبيوتر، وكان ذلك ردا على سؤالي حول اسباب اختياري من بين المسافرين. وبعد ان يروي الكاتب تفاصيل تفتيشه يقول: لقد كنت احمل حقيبة سفر خفيفة، ليس فيها اية مواد ممنوعة، وقمت بشراء تذكرة الذهاب والاياب عبر الكمبيوتر وفي وقت مسبق، وكانت جميع اوراقي جاهزة ومرتبة، وبالتالي كنت اتوقع ان ابدو كأي رجل اعمال عادي يسافر، اذ لم يكن في مظهري او في سوابقي ما يشير الى انني ارهابي، فكيف اختارني الكمبيوتر اذن؟ وينتهي شركي: الى القول: ان المشكلة كما عشتها، وكما رواها لي بعض القراء هي ان هناك معاملة فظة يقوم بها بعض حراس الامن وبعض موظفي شركات الطيران من غير المتدربين وهو ما يكشف عن الاسباب التي دفعت الى هبوط عدد المسافرين جوا، بعد ان كاد يعود الى الحالة الطبيعية التي كان عليها قبل هجمات 11 سبتمبر. ان المواطن الامريكي يرفض تقييد حريته او اهانته ويتصدى لحكومته ونحن رعايا الاستبداد نتضامن معه. بقلم: شوقي رافع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق